المقدمة
تُعد الخدمة الاجتماعية من المهن الإنسانية التي تهدف إلى مساعدة الأفراد والجماعات على مواجهة مشكلاتهم وتحسين جودة حياتهم من خلال تدخلات مهنية علمية. وتطورت هذه المهنة عبر الزمن بظهور العديد من النماذج التي تساعد الأخصائيين الاجتماعيين في أداء أدوارهم المهنية. ومن أبرز هذه النماذج نموذج التركيز على المهام، الذي ظهر في بداية السبعينيات ويُعتبر أحد أشكال التدخل القصير الأمد، ويركز على تحديد مشكلات محددة ووضع مهام عملية قابلة للتنفيذ لحلها.
مفهوم نموذج التركيز على المهام
يعرف نموذج التركيز على المهام بأنه شكل من أشكال الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية النابعة من الخبرات الميدانية المتراكمة للأخصائيين الاجتماعيين في مجالات متعددة. ووفقاً لقاموس الخدمة الاجتماعية، فإن هذا النموذج قصير الأمد حيث يقوم الأخصائي الاجتماعي والعميل بـ:
- تحديد مشكلات محددة.
- تعيين المهام اللازمة لتغيير هذه المشكلات.
- وضع اتفاق تعاقدي لتنفيذ الأنشطة في أوقات محددة.
- إيجاد الحوافز لإنجاز الأنشطة.
- تحليل وإزالة المعوقات التي قد تعيق التنفيذ.
نشأة النموذج وتطوره
ظهر النموذج على يد Reid (1972)، كما ترجع أصوله إلى عدة مصادر مثل:
- أعمال ريد وشاين (1969) في الخدمة الاجتماعية النفسية المختصرة.
- صياغة بيرلمان (1957) لخدمة الفرد كعملية لحل المشكلة.
- فكرة ستيد (1968) حول مهام العميل كبؤرة للعمل.
- انتشر النموذج لسببين رئيسيين:
- البناء الزمني المحدد.
- اعتماده على تكنيكات العلاج القصير.
خصائص نموذج التركيز على المهام
- قصير الأمد ومحدد الوقت.
- يركز على التخفيف من حدة المشكلات عبر التعاقد بين العميل والأخصائي.
- يعتمد على تنظيم العمل من خلال واجبات واضحة.
- يعطي أهمية للبحث في تصميم الخدمة.
- يدرب العميل على الأداء الواقعي للمهام.
- يولي أهمية لعامل الوقت في حل المشكلات.
- يعزز مهارات الفرد في حل المشكلات.
- مناسب للتعامل مع مشكلات الحياة اليومية.
المشكلات التي يتعامل معها النموذج
- المشكلات الأسرية.
- العلاقات الشخصية.
- مشكلات أداء الأدوار الاجتماعية.
- مشكلات التحول الاجتماعي.
- نقص الموارد.
- المشكلات المرتبطة باتخاذ القرار.
المداخل النظرية للنموذج
- المدخل السلوكي المعرفي.
- المداخل الأسرية.
- العلاج القصير.
- المداخل المختلطة.
الخطوات الأساسية لنموذج التركيز على المهام
- تحديد المشكلة المستهدفة.
- التعاقد.
- التخطيط للمهمة.
- تشكيل الدوافع والمنطق للتنفيذ.
- تحليل وإزالة المعوقات.
- الاستثارة والممارسة الموجهة.
- مراجعة التنفيذ.
- الإنهاء.
كيفية تطبيق النموذج
يقوم الأخصائي مع العميل بتحديد المهام التي يجب أن تكون قابلة للتنفيذ، وتصنف هذه المهام إلى:
- مهام عامة ومهام إجرائية.
- مهام لمرة واحدة وأخرى متكررة.
- مهام بسيطة ومعقدة.
- مهام فردية، متبادلة، أو مشتركة.
الأساس النظري للنموذج
يركز النموذج على التعامل مع المشكلة في وضعها الراهن بدلاً من البحث في جذورها العميقة، مع تحديد العوامل المرتبطة بها والتركيز على الأكثر قابلية للتغيير.
افتراضات النموذج
- التزام العميل طوعياً بأداء واجبات تدريجية.
- عدم سيطرة الأخصائي بشكل كامل على الموقف.
- تبسيط المشكلة إلى أجزاء صغيرة لزيادة فعالية الحل.
- التدخل القصير يقلل من السلبية ويزيد الفاعلية.
- يمتلك الفرد القدرات الذاتية والدوافع لحل مشكلاته.
مبادئ النموذج
- الاعتماد على الأساس التجريبي.
- توجيه العميل نحو تحديد مشكلاته وأهدافه.
- التركيز على المشكلة المحددة.
- الاهتمام بمحتوى بيئة الفرد.
- التخطيط الموجز.
- العلاقة المهنية المشتركة.
- البناء المنهجي لبرنامج التدخل.
- ربط حل المشكلة بتنفيذ المهام.
التكنيكات المستخدمة
- الاكتشاف.
- البناء.
- التوجيه.
- الفهم الواضح.
- التفسير.
- النمذجة.
- لعب الدور.
كما يمكن دمج تكنيكات من مداخل علاجية أخرى مثل: العلاج الأسري، العلاج الجماعي، المداخل السلوكية، العلاج القصير، ومدخل الأزمة.
الخاتمة
يمثل نموذج التركيز على المهام مدخلاً فعالاً ومبنياً على أسس علمية للتعامل مع المشكلات الاجتماعية قصيرة الأمد. ويتميز بمرونته واعتماده على مشاركة العميل في تحديد مشكلاته وصياغة مهام عملية قابلة للتنفيذ. وهو ما يجعله من النماذج المعاصرة المهمة في الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية، خصوصاً في ظل الحاجة إلى حلول عملية وسريعة للمشكلات اليومية التي يواجهها الأفراد والأسر.