اعلان ادسنس

مفهوم النظرية في الخدمة الاجتماعية

مقدمة

تعد النظرية في العلوم الاجتماعية، وخصوصاً في مجال الخدمة الاجتماعية، حجر الأساس لفهم الظواهر الإنسانية والاجتماعية، وتنظيم الممارسات المهنية بطريقة علمية ومدروسة. فهي توفر الإطار الفكري والمنهجي الذي يساعد الأخصائي الاجتماعي على تفسير سلوك الأفراد والمجتمعات، وتوجيه التدخلات بشكل فعال، والقدرة على التنبؤ بالنتائج المحتملة للممارسات المهنية.

كما تُعتبر النظريات أداة مهمة لتمييز الفرق بين المفاهيم والمكونات المختلفة للظواهر الاجتماعية، وتحديد العلاقات القائمة بينها، مما يسهم في إنتاج معرفة دقيقة وقابلة للتطبيق في الواقع العملي. ومن هذا المنطلق، يهدف هذا البحث إلى توضيح مفهوم النظرية والنموذج والاتجاه والمدخل في الخدمة الاجتماعية، وبيان أهميتها في الممارسة العملية، وكذلك التعرف على شروط لياقة النظرية، وأهدافها في العمل مع الحالات الفردية، بالإضافة إلى عرض نماذج الممارسة المهنية المختلفة وفقاً لمعايير عدة تشمل الإطار النظري، المدى الزمني، اتساع الحالات، والثراء والالتزام.

أهمية النظرية:

لا يوجد علم بدون نظرية. تكمن أهمية النظرية في أنها تنظم المعلومات في سياق فكري واضح، أي أنها توضح الغموض في البيانات والمعارف، وتفسر لماذا تحدث الظواهر، ويمكن التنبؤ بالظاهرة والتحكم فيها مستقبلاً، مثال: ظاهرة عمالة الأطفال.

مفهوم النظرية  في الخدمة الاجتماعية


تعريفات متعددة للنظرية:

  1. تعريف تالكوت بارسونز: مجموعة من المفاهيم المعممة المرتبطة بشكل منطقي.
  2. تعريف مريتون: علاقات منطقية بين افتراضات.
  3. تعريف فرد كريلنجر: مجموعة من المكونات (المفاهيم) المرتبطة مع التعريفات والافتراضات التي تقدم منظوراً منتظماً لمجموعة من الظواهر عن طريق تحديد العلاقات بين العوامل بهدف تفسير تلك الظواهر وإتاحة إمكانية التنبؤ بوقوعها.


استنتاج من التعريفات:

  1. النظرية تتكون أساساً من مفاهيم ومكونات. المفهوم (Concept) هو مصطلح يستخدمه العاملون في مجال علم معين لوصف ظاهرة معينة، مما يسهل التفاهم ويمنع الخلط. مثال: التقبل، العلاقة المهنية.
  2. المكون أو التكوين هو مفهوم أكثر تركيباً، يتكون من عدد من المفاهيم، مثال: الذكاء يشمل القدرة اللغوية، القدرة الرياضية، القدرة على التصور، وغيرها.
  3. المفاهيم والمكونات ليست الظاهرة الحقيقية نفسها، بل هي صياغة تعبر عنها. مثال: مفهوم "الانطواء" ليس شيئاً مادياً، ولكنه يعبر عن مجموعة سلوكيات يمكن ملاحظتها.
  4. النظرية تقدم فروضاً عن علاقات بين عوامل أو متغيرات، تنظم الحقائق بطريقة منطقية، وتيسر تفسيرها والتنبؤ بها مستقبلاً.
  5. فروض النظرية لا تُصاغ عشوائياً، بل تنمو من الملاحظة والتفكر العلمي والخبرات المتراكمة. كلما أثبت الواقع صحة الفروض، زادت دقة النظرية وثقة العلماء بها.


أهداف التوجهات النظرية في طريقة العمل مع الحالات الفردية:

  1. الممارسة بدون إطار نظري محدد كانت مقبولة في الماضي، أما الآن فهي غير مقبولة علمياً، إذ تعقدت مشكلات العملاء وظهرت أنساق اجتماعية واقتصادية وثقافية متعددة تتطلب إطاراً نظرياً.
  2. بناء النظرية ليس غاية بحد ذاته، بل وسيلة لتحقيق أهداف المهنة في رعاية العملاء وتطويرها.
  3. النظرية تسمح بركاكة المعارف العلمية، وتمكن من نقلها للأجيال القادمة، وربط بيانات الدراسات المختلفة لتصبح ذات معنى علمي.
  4. تتيح النظرية للاختصاصي فهم الإنسان كفرد وعضو في أنساق اجتماعية متعددة، بداية بالأسرة وانتهاء بالمجتمع الكبير.
  5. تمكن النظرية الاختصاصي من تقدير موقف العميل وتشخيصه بدقة، وتقديم نموذج يفسر المشكلات ويربط مظاهرها بدلاً من التعامل مع كل مشكلة بمعزل.
  6. الجهود النظرية توفر إطاراً لاختبار المفاهيم والمبادئ، وتوجيه البحث الاجتماعي نحو كفاءة وفاعلية الممارسات المهنية، مما يرفع مستوى الدقة المنهجية.


شروط يجب توفرها في النظرية:

  1. العلاقات: وضوح العلاقات بين ظاهرتين أو أكثر. مثال: العلاقة بين التفكك الأسري والاضطرابات النفسية.
  2. التجريد: تجريد العلاقات من المستويات المحددة إلى مستويات أعلى وأعمق. مثال: التفكك الأسري يصبح مفهوم "عدم الشعور بالأمان".
  3. التعميم: إمكانية تطبيق العلاقات بعد تجريدها في بيئات وأزمان ومجموعات مختلفة، ما يرفع لياقة النظرية.


نماذج الممارسة المهنية في العمل مع الحالات الفردية:

من حيث الإطار النظري:

  1. نماذج تعتمد على نظرية واحدة (الوظيفية، السلوكية).
  2. نماذج تعتمد على أكثر من نظرية (العلاج الأسري، نظرية النسق، الاتصال، الدور الاجتماعي، حل المشكلة، النفسية الاجتماعية، النسق).
  3. نماذج لا تلتزم بإطار نظري محدد (النموذج المركز على المهام).

من حيث الثراء:

يعتمد على: مدى انتشار النموذج، عدد الباحثين المتبنين له، الفترة الزمنية منذ ظهوره.

  • نماذج غنية: الاتجاه النفسي الاجتماعي، السلوكية، العلاج الأسري.
  • نماذج متوسطة: التدخل في الأزمات، العقلية والمعرفية.
  • نماذج محدودة: التركيز على المهام، الوظيفية.

من حيث الالتزام:


  • نماذج منفتحة: التركيز على المهام، حل المشكلة.
  • نماذج ملتزمة: المدخل النفسي الاجتماعي، السلوكية، العلاج الأسري.
  • نماذج مختلطة: النموذج المعرفي السلوكي.

من حيث اتساع الحالات:

  • عامة: الاتجاه النفسي الاجتماعي، العلاج الأسري، الوظيفية.
  • محدودة: السلوكية، التركيز على المهام، المعرفية.
  • خاصة: التدخل وقت الأزمات.
من حيث الانتشار:
  • المستوى المحلي: النموذج النفسي الاجتماعي.
  • المستوى العاملي: العلاج الأسري، التدخل وقت الأزمات، السلوك المعرفي.

من حيث المدى الزمني:

  • قصير المدى: التدخل وقت الأزمات، التركيز على المهام.
  • طويل المدى: السلوكية، حل المشكلة، العلاج الأسري.
  • غير محدد المدى: النموذج النفسي الاجتماعي.
من حيث الزمن الذي يهتم به النموذج:
  • اهتمام بالماضي: التحليلية (البعيد)، العلاجية (ليس بعيد)، السلوكية (ما قبل الأحداث).
  • اهتمام بالحاضر: الوظيفية.
  • اهتمام بالمستقبل: التدخل وقت الأزمات.


أحدث أقدم
اعلان ادسنس اول المقال
اعلان ادسنس نهاية المقال
اعلان ادسنس بعد مقالات قد تعجبك

نموذج الاتصال