اعلان ادسنس

التدخل المهني في إطار الممارسة العامة للخدمة الاجتماعية

خطوات تصميم برامج التدخل المهني في إطار الممارسة العامة للخدمة الاجتماعية

يقدم تعريف الممارسة العامة في الخدمة الاجتماعية أساساً لنموذج التدخل المهني في الممارسة العامة The Generalist Intervention Model (GIM)، وهو عبارة عن نموذج ممارسة متدرج يهتم بكيفية القيام بعملية التغيير المخطط التي يستخدمها الأخصائي الاجتماعي "الممارس العام" لمساعدة أنساق العملاء للوصول إلى أهدافهم. فعملية التغيير هي "الكيف" في ممارسة الخدمة الاجتماعية.

التدخل المهني في إطار الممارسة العامة للخدمة الاجتماعية

ويمثل نموذج التدخل المهني في الممارسة العامة تتويجاً لجهود الأخصائيين الاجتماعيين الذين قاموا بتوظيف العديد من المعارف والنظريات والمداخل العلمية في مجالات الممارسة المهنية للخدمات الاجتماعية وتطويرها، وفقاً للمتغيرات الاجتماعية والحضارية التي سادت المجتمع الإنساني في النصف الأخير من القرن الماضي، وما تمخض عنها من ظهور هذا النموذج الذي ميز ممارسة الخدمة الاجتماعية وطوّر أساليب تعاملها مع العملاء.

وترى أشمان وهيل (K. Ashman & G. Hull) أن نموذج التدخل المهني للممارسة العامة يتميز بخصائص رئيسية هي:

1.يفترض هذا النموذج أن الأخصائيين يكتسبون قاعدة معرفة انتقائية ومدى واسعاً من المهارات لاستهداف أنساق من أي حجم، إضافة إلى قاعدة من القيم المهنية، وهذا الأساس يعكس الطبيعة المتفردة للخدمة الاجتماعية.

2. يركز النموذج على عملية التغيير التي تؤكد على تقدير مواطن قوة العميل، وتتم من خلال خطوات إرشادية تتمثل في: الارتباط، التقدير، التخطيط، التنفيذ، التقييم، الإنهاء، والمتابعة.
3. يفترض هذا النموذج أن أي مشكلة يمكن تحليلها وتناولها من مستويات عديدة للتدخل. ويوجه نموذج التدخل المهني في الممارسة العامة نحو تناول المشكلات والقضايا التي تتضمن ليس فقط الأفراد، بل الجماعات والمنظمات والمجتمعات والسياسات الاجتماعية الكبرى أيضاً. وبعبارة أخرى، فإن هذا النموذج يتضمن مستويات رئيسية هي: (الميكرو – الميزو – الماكرو) كأهداف للتغيير أو للنسق المستهدف بالنسبة للأخصائيين الاجتماعيين. 

4. يستخدم هذا النموذج العديد من الأساليب والطرق الفنية التي تتسم بالمرونة في التطبيق لحل مشكلات العملاء. إذ يجب أن يتوافر لدى الأخصائي الاجتماعي "الممارس العام" العديد من مهارات حل المشكلات التي يمكن تصنيفها إلى نوعين من المهارات:

المهارات العامة (General Skills): وهي تلك التي ترتبط مباشرة بخطوات التدخل المهني في الممارسة العامة، مثل:
  1. مهارات الاتصال (العلاقة المهنية، الاتصال اللفظي وغير اللفظي، الاتصال بالمؤسسات والمجتمع).
  2. مهارات تحليل المشكلات والمواقف.
  3. مهارات صياغة التعاقد.
  4. مهارات صياغة الأهداف وتحديد الأدوار.

المهارات الخاصة بكل مستوى من مستويات العملاء:
  • الميكرو (Micro Skills): مثل مهارات المقابلة، الملاحظة، القياس، وتطبيق أساليب التدخل المناسبة.
  • الميزو (Mezzo Skills): مثل المهارات في التعامل مع الجماعات العلاجية وجماعات المهام (فهم ديناميكية الجماعة، توجيه المناقشة، استخدام موارد المجتمع).
  • الماكرو (Macro Skills): مثل مهارات العملية (Process Skills)، التخطيط (Planning Skills)، التنسيق (Coordination Skills)، والدفاع (Advocacy Skills)


وخلاصة القول: إن الأخصائي الاجتماعي "الممارس العام" يجب أن تتوافر لديه المهارات التي تمكنه من التعامل مع جميع أنساق العملاء في الخدمة الاجتماعية، بحيث لا يتقيد بنظرية معينة أو طريقة واحدة، بل يستخدم كل ما يتوافر لديه من مهارات وفنيات لتحقيق أهداف العملاء من خلال خطوات منظمة ومحددة.

وقبل أن نتناول هذه الخطوات بالتفصيل نشير إلى أننا نعتمد على الخطوات التقليدية في حل المشكلة، ومع ذلك نضع هذه الخطوات في إطار مختلف من منظور الأنساق، واضعين في الاعتبار الطبيعة الديناميكية (النشطة) لحياة العملاء، فضلاً عن العالم المتغير باستمرار الذي نعيش فيه، والذي يأتي لنا كل يوم جديد بمجموعة من المتغيرات تطرأ على أي موقف معين.

لذا فإن نموذج حل المشكلة The Problem-Solving Model يعد من الأسس المميزة للممارسة العامة. وهناك من يرى أن هذا النموذج يرتبط بكيفية التعامل مع المواقف بشكل منتظم، من خلال تفهم المشكلة ثم تحليل عناصرها والتوصل إلى حلول معينة يتم تطبيقها وتقييمها. ولقد ارتبط نموذج حل المشكلة بممارسة الخدمة الاجتماعية خلال فترات تطور المهنة حتى اعتبر كل من Compton & Gallway (1997) أن ممارسة الخدمة الاجتماعية في شكلها الأساسي هي عملية لحل المشكلة.

إلا أن الاتجاهات الحديثة في الخدمة الاجتماعية وجدت أن أنشطة الخدمة الاجتماعية لا تقتصر فقط على نموذج حل المشكلة؛ حيث بدأ التفكير في تقوية ذات العميل وتهيئته لمواجهة الظروف التي يواجهها، والتي ليست بالضرورة تمثل "مشكلة". وهنا نتحفظ على اختزال عمل الأخصائي الاجتماعي في كونه "حلالاً للمشاكل"، لأن ذلك يقلص نطاق عمله ويضعه في صورة مبسطة وغير فعالة.

ويمكننا عند عرض خطوات نموذج التدخل المهني في الممارسة العامة (GIM) أن نستفيد من خطوات نموذج حل المشكلة، حيث يستند إلى منهاج محدد يتميز بالمنطقية والترابط. لذلك يرى بعض الممارسين في الخدمة الاجتماعية أن نموذج حل المشكلة يعد من الأسس العامة للممارسة المهنية.

هذا، ولابد أن نشير إلى أن الأخصائي الاجتماعي "الممارس العام" يعتمد في تدخله المهني على خطوات محددة تشمل عدداً من الأساليب الفنية المستندة إلى العديد من النظريات العلمية. ويتوقف اختياره لهذه الأساليب على طبيعة الموقف الإشكالي، ووظيفة المؤسسة التي يعمل بها، إلى جانب مهاراته وخبراته ومعارفه لتحديد استراتيجيات وتكتيكات التدخل المهني.

وفيما يلي عرض خطوات نموذج التدخل المهني في الممارسة العامة (GIM) كما أوضحها أشمان وهيل (2002) K. Ashman & G. Hull:


الخطوة (1): الارتباط Engagement

يمثل الارتباط المرحلة الأولى من نموذج التدخل المهني في الممارسة العامة. يقوم الممارس خلال هذه المرحلة بتهيئة نفسه للمشاركة في عملية المساعدة، والبدء في تكوين العلاقات مع نسق العميل والأنساق المرتبطة بالموقف، سواء على مستوى الميكرو أو الميزو أو الماكرو.
ويجب على الممارس العام إقامة علاقة متوافقة مع العملاء والأنساق المستهدفة، تقوم على الدفء والتعاطف والصدق، مع مهارات الاتصال اللفظي وغير اللفظي، والتغلب على قلق العميل في المقابلات الأولى.


الخطوة (2): التقدير Assessment

التقدير هو تحديد واكتشاف المتغيرات التي تؤثر على المشكلة أو القضية، ويتم النظر إليها من منظور (الميكرو – الميزو – الماكرو). ويتضمن:

  • تحديد العميل.
  • تقدير العميل في الموقف.
  • جمع المعلومات حول مشكلات واحتياجات العميل.
  • تحديد مواطن القوة.

وعملية التقدير نشاط مستمر يتطلب جمع معلومات دقيقة، صياغة واضحة لطبيعة المشكلة، ووضع أولويات للتدخل وفق المستويات المختلفة (ميكرو – ميزو – ماكرو).


الخطوة (3): التخطيط Planning

التخطيط هو ما يحدد ما يجب فعله بعد عملية التقدير، ويتضمن ثماني خطوات فرعية:

  • العمل مع العميل.
  • إعطاء أولوية للمشاكل.
  • ترجمة المشاكل إلى احتياجات.
  • تقييم مستويات التدخل (ميكرو – ميزو – ماكرو).
  • بناء الأهداف.
  • تحديد الأغراض.
  • تحديد خطوات العمل.
  • صياغة التعاقد.


الخطوة (4): التنفيذ Implementation

هي مرحلة تطبيق الخطة عملياً مع متابعة مستمرة وتعديلها إذا استجدت ظروف جديدة.


الخطوة (5): التقييم Evaluation

يهدف إلى قياس مدى نجاح التدخلات في تحقيق الأهداف الموضوعة.


الخطوة (6): الإنهاء Termination

يتعلق باختيار التوقيت المناسب لإنهاء التدخل، سواء عند تحقيق الأهداف، أو انتقال العميل، أو تحويله إلى خدمات أخرى، أو بطلبه.


الخطوة (7): المتابعة Follow up

تتم المتابعة للتأكد من أن العميل تمكن من الحفاظ على المكاسب التي تحققت خلال التدخل، ولمعالجة أي تطورات جديدة أو عودة للمشكلة.


خلاصة

إن التدخل المهني في إطار الممارسة العامة يقوم على خطوات واضحة، تستند إلى أسس علمية ومهارات مهنية متنوعة، تتيح للأخصائي الاجتماعي العمل بمرونة مع مختلف أنساق العملاء على مستويات (الميكرو – الميزو – الماكرو)، بما يضمن تحقيق أهداف التغيير المخطط في خدمة الإنسان والمجتمع.


أحدث أقدم
اعلان ادسنس اول المقال
اعلان ادسنس نهاية المقال
اعلان ادسنس بعد مقالات قد تعجبك

نموذج الاتصال