اعلان ادسنس

مدخل الأزمات في العلاج القصير

مدخل الأزمات في العلاج القصير: تطوره ونماذجه

يعدُّ مدخل الأزمات أحد أبرز المداخل الحديثة في العلاج القصير، وقد تطور على مدى الخمسين عاماً الماضية بناءً على الأسس النظرية والتطبيقية التي ولدت من الممارسة العملية. لقد أثبت هذا المدخل فعاليته كطريقة مرنة للتدخل النفسي، حيث يتميز بكونه متعدد الأبعاد (Multi-Dimensional)، مما يتيح للأخصائيين الاجتماعيين والاختصاصيين النفسيين التعامل مع الأزمات بطرق متنوعة ومتكاملة.

الجذور التاريخية لمدخل الأزمات

ترجع جذور التدخل في الأزمات إلى اثنين من الرواد في مجال الصحة النفسية المجتمعية (Community Psychiatrists)، وهما: الدكتور إرك ليندمان (Erich Lindemann) والدكتور جيرالد كابلان (Gerald Caplan)، اللذان عملا منذ منتصف الأربعينات من القرن العشرين.

مدخل الأزمات في العلاج القصير: تطوره ونماذجه

  • إرك ليندمان: وضع إطاراً نظرياً لمفهوم الأزمة من خلال عمله في مستشفى ماساتشوستس العام، حيث تابع حالات 493 فرداً من أصدقاء وأقارب ضحايا حريق الملهى الليلي في بوسطن. وقد ساهمت هذه الدراسة في تحديد السمات النفسية للأزمات وتأثيرها على الأفراد الذين يمرون بتجارب فقد مأساوية.
  • جيرالد كابلان: أستاذ الطب النفسي في مستشفى ماساتشوستس العام ومدرسة هارفارد للصحة العامة، استمر في تطوير الأعمال النظرية والعملية التي بدأها ليندمان. بين الأعوام 1961 و1964، وصف كابلان المراحل الأربعة لرد الفعل تجاه الأزمات:

  1. التوتر الانفعالي الناتج عن الأحداث الطارئة والخطيرة المرتبطة بالأزمة.
  2. الاضطراب في الحياة اليومية نتيجة عجز الفرد عن التعامل السريع مع الأزمة وحلها.
  3. العجز عن حل المشكلات الطارئة نتيجة الشعور المتزايد بالتوتر وعدم القدرة على التعامل الفعال.
  4. حالة الانهيار أو الاكتئاب المحتملة، مع إمكانية الوصول في بعض الحالات إلى حل جزئي للأزمة عبر تبني طرق جديدة وغير مألوفة.

تطور نماذج التدخل في الأزمات

عقب جهود ليندمان وكابلان، ظهر العديد من نماذج ممارسة التدخل في الأزمات التي استندت إلى الأفكار النظرية الأساسية التي وضعها الرواد. من بين العلماء الذين ساهموا في تطوير هذا المجال: كولينز (Collins & Collins, 2005)، جونز (Jones, 1968)، وروبرتز وجرو (Roberts & Grau, 1970).

ومع ذلك، فإن النموذج الأكثر تأثيراً واستمرارية هو النموذج الذي بني على أساس نظرية الأزمة التي وضعها المؤسسون، ومن أبرزها:

  • نموذج ليندمان (Lindemann, 1944)
  • نموذج كابلان (Caplan, 1964)
  • نموذج جولان (Golan, 1978)
  • نموذج روبرتز للمراحل السبعة (Roberts R – SSCIM, 1991، 1995، 1998، 2005)

هذه النماذج شكلت الأساس العلمي لتدخل الأزمات، حيث توفر إطاراً منهجياً يوجه الممارسين في تشخيص الأزمة، وتحديد مرحلة تطورها، واختيار الاستراتيجيات العلاجية الأكثر ملاءمة للتعامل مع الأفراد في حالات الأزمات المختلفة.

الخلاصة

يمكن القول إن مدخل الأزمات أصبح اليوم من الأدوات العلمية الأساسية في العلاج القصير، نظراً لمرونته وتعدد أبعاده، وقدرته على دمج النظرية بالممارسة العملية. كما أن النماذج التي تطورت عبر العقود الماضية توفر للمتخصصين منهجية واضحة للتعامل مع الأزمات، بدءاً من التوتر الانفعالي الأولي وحتى الوصول إلى حلول عملية أو دعم نفسي يساعد الأفراد على تجاوز الأزمة بفعالية.


أحدث أقدم
اعلان ادسنس اول المقال
اعلان ادسنس نهاية المقال
اعلان ادسنس بعد مقالات قد تعجبك

نموذج الاتصال